الثلاثاء، 3 مايو 2011

بين دمعتين... دمعة حسني ودمعة...

بسم الله الرحمن الرحيم
 
اللهم اهدني وسددني
 
بين دمعتين... دمعة حسني ودمعة...


 
في مجريات التحقيق مع طاغية من طواغيت العصر، ورجل 

جمع بين الخسة والدناءة، وبين المكر والحيلة، وبين العمالة 

وقلة الديانة، والسرقة والخيانة، نرى كيف أن حسني مبارك 

سقط فاقدًا القدرة على الوقوف بمجرد إبلاغه بوصول فريق 

المحققين إلى مقر الاستراحة التي يقيم فيها، وأصيب على الفور 

بانخفاض حاد في ضغط الدم، وارتجاج في عضلة القلب، أدت 

إلى اضطراب ضرباته، وأجهشت سوزان بالبكاء وهي تنهض 

بزوجها بمعاونة الحرس الخاص، ونجليه، وطبيبه الخاص، 

وبعدها هرعت سيارة من السيارات الرئاسية بمبارك إلى 

مستشفى شرم الشيخ الدولي، وتكون فريق طبي لفحص مبارك 

في غرفة العناية المركزة، وقد استقر الرأي الطبي على نقله 

إلى جناح في الدور الثاني، وفي تلك الأثناء انتشرت قوات الأمن 

خارج المستشفى لصد ما يقرب من 400 متظاهر حاولوا 

اقتحام المستشفى، مطالبين بطرد مبارك من المستشفى، ومن 

المدينة كلها، وهي الهتافات التي هزت مبارك نفسيًا وهو 

يخضع للعلاج   واغرورقت عيناه بالدموع، بينما كان فريق 

المحققين من النيابة العامة ينتظرون قرار الأطباء بالسماح لهم 

ليبدؤوا التحقيق إذا سمحت حالته الصحية بذلك، وأبلغ الدكتور 

محمد فتح الله مدير المستشفى فريق المحققين بسماح حالته 

الصحية باستجوابه، وجلس الفريق حوله لاستجوابه وهو في 

حالة انهيار كامل.

هنا وأنا أقرأ هذا الخبر - المبهج -
وأنا أتأمل تلك الدمعات التي 

تخرج من عين الرئيس المخلوع الذي قدم لشعبه أنواعاً من 

الذل والإذلال، والمهانة والإهانة، وأنواعاً من البؤس والشقاء، 

بل جعل الشعب العزيز، شعب مصر المجيد يحتاج لأن يمد يده 

في كل بلدان العالم، ويتحمل أعباء الغربة والعناء من أجل أن 

يوفر لنفسه وولده عيشاً كريماً، وهو في البلد الذي هو خزائن 

الأرض، يقول الله على لسان يوسف - عليه السلام - لما طلب 

منه الملك أن يسوس مصر:] قَالَ اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ  

إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ [ [يوسف:55]، ولم يقل:( اجعلني على خزائن 

مصر ) بل قال الأرض، فهي بحق خزائن الأرض، وسعادة 

الرئيس يتمتع بالمليارات - معذرةً بالتريليونات - المنهوبة، 

وأطنان الذهب المسلوبة من أموال الشعب الكريم، والشعبُ 

العزيزُ في فقر وحاجة ومسكنة...

نعم لقد بكى الرئيس ... الآن يبكي حسني؟!

 
وهنا أقول: لا بأس أن تبكي يا سعادة الرئيس فشعبك له أكثر 

من عشرين عاماً يبكي، ويذوق ألم المرارة والحرمان.
 
ابكِ يا سعادة الرئيس مرة فقد بكى الصالحون في السجون، 

وتألم العابدون في المعتقلات من جورك وظلمك ألف مرة...
 
نعم ابكِ... ابكِ يا رئيس فقد بكت الأمهات المكلومات على فلذات 

أكبادهن وأمن دولتك يَقذفون بهم في السجون المُظْلمة، 

والمعتقلات الموحشة...
 
ابكِ مرة يا رئيس فكم من زوجة لم يرقأ لها دمع، ولم تجد للنوم 

لذة، ولا للحياة طعم من ظلم قانون الطواري الظالم، الذي سلبها 

زوجها، وأنيسها فهي تبكي وتتألم وتبكي...
 
ابك يا سعادة الرئيس
 
فكم من ليلة وأنت تلعب، وتلهو، وتأكل وتشبع، بل وتتألم من 

التخمة، وأطفال شعبك يبكون ويتألمون ويتضورون جوعاً...
 
 ابكِ يا سعادة الرئيس، ولماذا لا تبكي؟!

لماذا لا تبكي يا سعادة الرئيس
وقد بكينا وبكى العالم كله من 

قهرك لإخواننا في غزة يوم أن أصبح ولاؤك لليهود علينا، ولم 

تكتف بجدارك العازل فوق الأرض، فحفرت له أمتاراً تحت 

الأرض، لماذا كل ذلك - يا سعادة الرئيس -؟! كل ذلك لإرضاء 

اليهود والنصارى، وتقديم محبتهم على محبة المؤمنين، 

ولتُجَوِّع شعباً مظلوماً، وتهين من أهان أسيادك اليهود، فحسبك 

الله.

ابكِ... ابكِ... وابك يا حسني فلا حُسْنَى لك عند المسلمين، ولا 

بواكي عليك ولا كرامة.
 
كنت قبل الثورة بثلاثة أشهر في مصر
 
وبقيت فيها عشرة أيام كانت في نفسي كعشر سنيين مما رأيت 

فيها من المناظر التي تؤلم كل مسلم، وكل إنسان، إفساد 

للشعب، وتغريب له عن دينه، وقيمه، مع ما يعيشه الشعب من 

فقر ومسغبة، وحاجة وعوز، بل حتى البنية التحتية هزيلة 

ضعيفة، فكنت أقول في نفسي هذه مصر؟! وهذا شعب مصر!! 

وهذا بلد الأزهر!! هذا بلد العلم والعلماء!! والرقي والتقدم!!
 
 مصر التي كانت الرأس في كل شيء، جعلها هذا النظام البائس 

البائد في الحضيض، لكن نقول: حسبنا الله عليه ونعم الوكيل، 

وهذا ما كنت أقوله وأنا أطوف فيها.

أيها الرئيس ختاماً

 
لتعلم - وأنت تبكي - وليعلم غيرك قول الله تعالى:] وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ 

كَيْدِي مَتِينٌ [ [الأعراف:183]،[القلم:45]، وقوله:] مَنْ عَمِلَ 

صَالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِّلْعَبِيدِ [  

[فصلت:46]

وليعلم الجميع أن عاقبة الظلم وخيمة،


فقد حذر الله من الظلم وبيّن عظيم جرمه، وجسامة خطره، وبين 

عاجل عقوبته، فالله - سبحانه - يملي ويمهل للظالم فإذا أخذه لم 

يفلته، وقد بين الحق - تبارك وتعالى - أن كيده متين، أي قوي 

شديد فلا يُدفع بقوة ولا حيلة، وهذا ظاهر في مثل هذه الأنظمة 

الفاجرة الظالمة، كيف أن الله أمهلهم سنينًا ثم كاد لهم U فأسقطهم 

حقيقة ومعنى، يقول الحق تبارك وتعالى:] فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ 

وَمَا كَانَ لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ [ [غافر:21].

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:( إن
عاقبة الظلم وخيمة، وعاقبة 

العدل كريمة، ولهذا يروى أن الله ينصر الدولة العادلة وإن كانت 

كافرة، ولا ينصر الدولة الظالمة وإن كانت مؤمنة). مجموع 

الفتاوى(28/63).

ويقول أيضاً:(
إن جماع الحسنات العدل، وجماع السيئات الظلم 

وهذا أصل جامع عظيم). مجموع الفتاوى(1/86).

لقد مارست هذه الأنظمة الطاغوتية الظلم مع شعوبها،
والظلم كما 

قال النبي r:« الظُّلْمُ ظُلُمَاتٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ » أخرجه 

البخاري(2315)، ومسلم(2579) عن ابن عمر رضي الله 

عنهما، ومع ممارستهم لهذا الظلم قد أمنوا من مكر الله، لكن الله 

عدل، ] لاَ يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئاً وَلَـكِنَّ النَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ [ 

[يونس:44].

لو عقل هؤلاء الظلمة عاقبة ما هم فيه وما كانوا عليه، لما حل 

بهم ما حل، ولكنها سنة الله في الظالمين.

كم من مظلوم ظُلم، ومقهور قهر، وضعيف سُلب، وشريف أهين 

من هذه الأنظمة المستبدة الظالمة، فحاق بهم دعاء المظلومين، 

وتضرع المقهورين، يقول النبي r لمعاذ لما أرسله إلى اليمن:« 

اتَّقِ دَعْوَةَ الْمَظْلُومِ، فَإِنَّهَا لَيْسَ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّهِ حِجَابٌ » أخرجه 

البخاري(1425) عن ابن عباس رضي الله عنهما.

وقد حق في الطغاة أن نتأمل ونتدبر فيهم قول الحق المبين
:]  

فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ [ [الأعراف:103]، 

[النمل:14]، وقوله:]فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ [  

[يونس39]، [القصص:40].

 
ختاماً: أسأل من بيده مقاليد الأمور، وتصاريف الدهور أن 

يفضح الطغاة في كل مكان، وأن يذلهم على رؤوس الأشهاد، 

وأن يُبْرِمَ لهذه الأمة أمراً رشداً يُعز فيه أهل الطاعة، ويذل فيه 

أهل المعصية، ويؤمر فيه بالمعروف، وينهى فيه عن المنكر 

يا سميع الدعاء.
الفقير إلى عفو سيده ومولاه
 
ظَافِرُ بْنُ حَسَنْ آل جَبْعَان
 
الخميس 10/5/1432هـ


بين دمعتين... دمعة حسني ودمعة...

ظَافِرُ بْنُ حَسَنْ آل جَبْعَان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق