الأربعاء، 4 مايو 2011

أما آن لفلول النظام السابق من المدّعين للسلفية أن يتوبوا إلى الله ؟! الشيخ. أحمد ابو العينين

أما آن لفلول النظام السابق من المدّعين للسلفية أن يتوبوا إلى الله ؟!
الشيخ. أحمد ابو العينين
مجلة الهدي النبوي - بــاب السنــة
روى مسلم في صحيحه (1838) عن يحيى بن حصين قال : سمعت جدتي تحدث أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب في حجة الوادع ، وهو يقول : " ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله ، فاسمعوا له وأطيعوا " .
هكذا بين النبي صلى الله عليه وسلم أن على المرء المسلم السمع والطاعة لمن ولى أمره وإن كان عبدًا بشرط أن يقوده بكتاب الله كما في هذا الحديث ، وكما في حديث معاوية رضي الله عنه عند البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن هذا الأمر في قريش ، لا يعاديهم أحد إلا كبه الله في النار على وجهه ما أقاموا الدين " ، قال الحافظ : قال ابن التين : قد أجمعوا أنه أي الخليفة إذا دعا إلى كفر أو بدعة أنه يقام عليه ، واختلفوا إذا غصب الأموال ، وسفك الدماء [1]، وانتهك : هل يقام عليه أم لا ؟ واعترض عليه الحافظ في دعوى الإجماع بكون العلماء لم يقوموا على المأمون والمعتصم والواثق مع دعوتهم للبدعة والامتحان عليها ، ويمكن دفع ذلك بأن العلماء (أحمد وغيره) رأوا أن المفسدة بالقيام عليهم ستكون أعظم مع عدم القدرة ، حتى لا ندفع الأدلة ونخطئ ، وإن كان ظالمًاأو فاسقًا في نفسه لكن يقودهم بكتاب الله فيجب السمع والطاعة له ، ولا يجوز الخروج عليه ، وعلى هذا تحمل الأحاديث الواردة في هذا الباب ، وقد أغفل بعضهم هذا القيد ، أعني قيادة الأمة بكتاب الله ، فحمل كلام أئمة العلم في عدم جواز الخروج على ولاة الأمر وإن جاروا ، وفسقوا على جميع الحكام ، وإن عطلوا الشريعة بالكلية ، محتجين بما أخذه النبي صلى الله عليه وسلم على الأمة من السمع والطاعة في المنشط والمكره والعسر واليسر والأثرة عليهم ، وألا ينازعوا الأمر أهله قال : " إلا تروا كفرًا بواحًا عندكم من الله فيه برهان " ، قال النووي : المراد بالكفر هنا المعاصي ، ومعنى عندكم من الله فيه برهان ، أي تعلمونه من دين الله تعالى ، ومعنى الحديث : لا تنازعوا ولاة الأمور في ولايتهم ، ولا تعترضوا عليهم إلا أن تروا منهم منكرًا محققًا تعلمونه من قواعد الإسلام ، فإذا رأيتم   ذلك فأنكروا عليهم ، وقولوا بالحق حيث ما كنتم .
قلت : وفي هذا رد على من ادعى أن طريقة السلف عدم الإنكار العلني على الحكام ، وقد عده بعضهم خروجًا حتى قال بعضهم : إن الخروج يكون باللسان كما يكون بالسنان ، قال النووي : وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين ، وإن كانوا فسقة ظالمين ، وقد تظاهرت الأحاديث بمعنى ما ذكرته وأجمع أهل السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق ، وأما الوجه المذكور في كتب الفقه لبعض أصحابنا أنه ينعزل ، وحُكي عن المعتزلة أيضًا فغلط من قائله مخالف للإجماع ، قال العلماء : سبب عدم انعزاله وتحريم الخروج عليه ما يترتب على ذلك من الفتن وإراقة الدماء وفساد ذات البين ، فتكون المفسدة في عزله أكثر منها في بقائه .
ثم بين النووي رحمه الله ما ذكرته سابقًا من كون فسقه وظلمه يعود إليه في شخصه ، لا في تبديله بالشرع الذي يحكم به الناس حيث قال : قال القاضي عياض : أجمع العلماء على أن الإمامة لا تنعقد لكافر ، وعلى أنه لو طرأ عليه الكفر انعزل ، قال وكذا لو ترك إقامة الصلوات والدعاء إليها .
فأمثال هؤلاء الحكام تنعزل ولايتهم بالإجماع ، كما نقله القاضي عياض رحمه الله ، ثم قال : وكذلك عند جمهورهم البدعة ، قال : وقال بعض البصريين : تنعقد له ، وتستدام له (يعني مع البدعة) لأنه متأول ، قال القاضي : " فلو طرأ عليه كفر وتغيير للشرع أو بدعة خرج عن حكم الولاية ، وسقطت طاعته ، ووجب على المسلمين القيام عليه ، وخلعه ، ونصب إمام عادل إن أمكنهم ذلك ، فإن لم يقع ذلك إلا لطائفة وجب عليهم القيام بخلع الكافر ، ولا يجب في المبتدع إلا إذا ظنوا القدرة عليه ، فإن تحققوا العجز لم يجب القيام وليهاجر المسلم عن أرضه إلى غيرها " .
فتبين مما سبق أن الحاكم الذي يعطل شرائع الإسلام الظاهرة ، ويقرر مكانها غيرها أنه ليس بحاكم شرعي ، وليس له سمع ولا طاعة عملاً بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : "قودكم بكتاب الله " وقد قال الله عز وجل :(أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ) (الشورى:21) .
فتبديل الشرائع ليس كمن يحكم بشرع الله ثم يخالفه في بعض أحواله ، قال ابن كثير رحمه الله في البداية والنهاية (122/13) بعد ذكره بعض ما شرعه جنكيز خان من الأحكام المخالفة للشريعة : وفي ذلك كله مخالفة لشرائع الله المنزلة على عباده الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ، ثم بين ابن كثير رحمه الله الحكم فيمن شرع للمسلمين شرائع تخالف شريعة الإسلام بقوله : فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء ، وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفر ، فكيف بمن تحاكم إلى الياسا وقدمها عليه ؟! من فعل ذلك كفر بإجماع المسلمين ، قال تعالى : (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) (المائدة:50) ، وقال تعالى : (فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً) (النساء:65) .
وهنا لابد من وقفة ، وهي أن من لم يقنع بهذا الإجماع الذي نقله ابن كثير فلا يسع منصفًا إلا أن يقر بأن ما يفعله هؤلاء الحكام المبدلون لشرع الله أعظم بلا شك مما كان يفعله الحجاج بن يوسف الثقفي فإنه كان يحكم بشرع الله وكان يصلي بالمسلمين ويقيم لهم الجمع والجماعات ولكنه كان يسرف في القتل لمن خرجوا عليه ، ومع ذلك فقد حكم بكفره جماعة من السلف ، قال ابن أبي شيبة في كتاب الإيمان (95) : عن طاوس قال : عجبًا لإخواننا من أهل العراق يسمون الحجاج مؤمنًا ، وفي (96) عن إبراهيم النخعي أنه كان إذا ذكر الحجاج قال : (ألا لعنة الله على الظالمين) (97) عن الشعبي قال : أشهد أنه مؤمن بالطاغوت كافر بالله ، يعني الحجاج ، وفي (98) عن إبراهيم النخعي : كفى بمن يشك في أمر الحجاج ، لحاه الله ، قال الشيخ الالباني تحت (95) : هذا الأثر والثلاثة بعده كلها صحيحة الإسناد .
موقف مخالف للسلف : ومع ذلك فما وجدنا أحدًا من السلف يرمي الذي كفر الحجاج بأنه خارجي ، وأما كثير ممن ينتسبون إلى السلف في أيامنا فإنهم يرمون الذي يصرح بكفر هؤلاء الحكام المبدلين لشرع الله مع كونهم أعظم جرمًا باتفاق المنصفين من الحجاج يرمونه بأنه خارجي ، وإن تلطف بعضهم ، فإنه يقول تكفيري ، فهل هؤلاء سلفيون ؟!
ثم إن هؤلاء الحكام المبدلين لشرع الله يفرضون الشرع المبدل على المسلمين ، بل ويعاقبون من خالفه ، فلو أن قاضيًا قضى على سارق بقطع يده لعزل من منصبه ، فمن فعل ذلك وجب قتاله على من كان قادرًا كما نقل عياض رحمه الله الإجماع على انعزاله إذا غير الشرع ، وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله كما في الفتاوى (501/28) : ما تقول الفقهاء أئمة الدين في هؤلاء التتار الذين قدموا سنة تسع وتسعين وستمائة ، وفعلوا ما اشتهر من قتل المسلمين ، وسبي بعض الذراري ، والنهب لمن وجدوه من المسلمين ، وهتكوا حرمات الدين من إذلال المسلمين ، وإهانة المساجد ، لاسيما " بيت المقدس " وأفسدوا فيه ، وأخذوا من أموال المسلمين وأموال بيت المال الحمل العظيم ، وأسروا من رجال المسلمين الجم الغفير ، وأخرجوهم من أوطانهم وادعوا مع ذلك التمسك بالشهادتين ، وادعوا تحريم قتال مقاتليهم ، لما زعموا من اتباع أصل الإسلام ، ولكونهم عفوا عن استئصال المسلمين ، فهل يجوز قتالهم أو يجب ، وأيما كان فمن أي الوجوه : جوازه أو وجوبه ؟
فأجاب : " الحمد لله ، كل طائفة ممتنعة من التزام شريعة من شرائع الإسلام الظاهرة المتواترة من هؤلاء القوم وغيرهم ، فإنه يجب قتالهم حتى يلتزموا شرائعه ، وإن كانوا مع ذلك ناطقين بالشهادتين ، وملتزمين ببعض شرائعه ، كما قاتل أبو بكر الصديق والصحابة رضي الله عنهم مانعي الزكاة ، وعلى ذلك اتفق الفقهاء بعدهم بعد سابقة مناظرة عمر لأبي بكر رضي الله عنهما ، فاتفق الصحابة على القتال على حقوق الإسلام ، عملاً بالكتاب والسنة .
وكذلك ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من عشرة أوجه الحديث عن الخوارج ، وأخبر أنهم شر الخلق والخليقة ، مع قوله : " تحقرون صلاتكم مع صلاتهم ، وصيامكم مع صيامهم " ، فعلم أن مجرد الاعتصام بالإسلام مع عدم التزام شرائعه ليس بمسقط للقتال ، فالقتال واجب حتى يكون الدين كله لله ، وحتى لا تكون فتنة ، فمتى كان الدين لغير الله فالقتال واجب . فإيما طائفة امتنعت من بعض الصلوات المفروضات أو الصيام أو الحج ، أو عن التزام تحريم الدماء والأموال والخمر والزنا والميسر ، أو عن نكاح ذوات المحارم أو عن التزام جهاد الكفار أو ضرب الجزية على أهل الكتاب ، وغير ذلك من واجبات الدين ومحرماته – التي لا عذر لأحد في جحودها وتركها – التي يكفر الجاحد لوجوبها ، فإن الطائفة الممتنعة تقاتل عليها وإن كانت مقرة بها ، وهذا مما لا أعلم فيه خلافًا بين العلماء .
وإنما اختلف الفقهاء في الطائفة الممتنعة إذا أصرت على ترك بعض السنن كركعتي الفجر، والأذان والإقامة عند من لا يقول بوجوبها ونحو ذلك من الشعائر هل تقاتل الطائفة الممتنعة على تركها أم لا ؟
فأما الواجبات والمحرمات المذكورة ونحوها فلا خلاف في القتال عليها " . انتهى كلام شيخ الإسلام ابن تيمية .
ومع كون هؤلاء الحكام المبدلين لشرع الله ، ومنهم حاكم مصر السابق الذي قرأت له قوله : " لا مكان عندنا لمتطرف يريد إدخال السياسة في الدين أو الدين في السياسة " مع كونهم داخلين في من يجب على المسلمين قتالهم حتى يحكموا شرع الله ، فلا يرجعوا إلى غيره بالإجماع ، كما حكى ذلك شخ الإسلام إذا كانوا قادرين على ذلك .
ويبن يديّ كلام لرجل مشهور مكتوب في مجلة مشهورة يصف هذا الحاكم بقول الناقل عنه : أكد الدكتور .... على كيفية التعامل مع ولي الأمر الجائر ، وهي موجودة في كتب العقائد وتحريم الخروج على ولي الأمر وإن جار وإن ظلم ، وشدد على ضرورة التحلي بالصبر ،وعدم الخروج على الحكام ، فهذا يدل على الخلل في فهم كلام السلف رحمهم الله .
والشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله ، وإن توقف في تكفير المبدل لشرع الله حتى يستحل في آخر أمره ، وتوقف في قبول الإجماع الذي حكاه ابن كثير رحمه الله ، والظاهر عندي أنه كان يعني التوقف في تكفير المعين ، لا تكفير النوع ، فقد قال رحمه الله بوجوب قتاله ، فقد قال فيما إذا دافع عن الحكم بغير ما أنزل الله ، وقوتل عليه فلم يرجع : أنه يكفر ففي الأسئلة النجدية بتعليق على بن حسن الحلبي ص (39-41) إذا دافع عن الحكم بغير ماأنزل الله ، وقال : ما أرجع ، فهو دفاع المستحل ، يكون كافرًا .
فقال أحد الحضور : هؤلاء مقطوع بأنهم سيستميتون .
فقال الشيخ ابن باز : إذا وقع ، إذا وقع كفروا ، إذا وقع : قيل لهم : احكموا بما أنزل الله وإلا قاتلناكم ، وأبوا يكفرون .
وقد قال الشيخ قبل ذلك ص(16) : يجب على المسلمين قتاله إذا كان عندهم قوة حتى يلتزم.
وقال ص(36) : يجب على المسلمين إذا كانت دولة مسلمة قوية تستطيع أن تقاتل هذا : لماذا لا يحكم بما أنزل الله ؟ يقاتل قتال المرتدين إذا دافع مثل ما يقاتل مانعي الزكاة إذا دافع عنها وقاتل يُقاتل قتال المرتدين ، لأن دفاعه عن الحكم بغير ما نزل الله مثل دفاعه عن الزكاة وعدم إخراج الزكاة ، بل أكبر وأعظم ، يكون كافرًا ، صرح به الشيخ تقي الدين رحمه الله في هذا قال : قتاله يكون قتال المرتدين ، لا قتال العصاة إذا دافعوا عن باطلهم .
هكذا ربط الشيخ قتال الحاكم المبدل بالقدرة عليه ، لا أنه يطلق الأمر بالصبر عليه كما ورد في كتب العقائد في الأمراء إذا تلبسوا بمعصية في أنفسهم ، وهكذا يبين مدى الخلط الذي وقع فيه كثير ممن ينتسبون إلى السلفية في هذه المسألة ، وليتهم اقتصروا على إبداء رأيهم ، بل إنهم ضللوا مخالفيهم ، ووصفوهم بالبدعة ، فقلبوا الحق باطلاً والباطل حقًا ، نسأل الله السلامة والعافية .
أما آن لفلوا النظام السابق من المدعين للسلفية أن يتوبوا إلى الله :
لقد بان مما سبق وجوب قتال الحاكم الممتنع عن الحكم بما أنزل الله والمبدل لشرع الله إذا قدر المسلمون عليه ، فما بالنا بخروج الناس عليه في تجمع سلمي ، لا يحملون سلاحًا يطالبونه بالإصلاح ؟
لاشك أن ذلك جائز إذا خلا من مفاسد تكون أعظم من المصالح المرجوة ، ولقد كنت منعت من ذلك سابقًا لما تقرر عندي من أن المفاسد في مثل هذه التجمعات تكون أعظم من المصالح المرجوة ، وكنت أقول ذلك أيضًا في بداية المظاهرات التي قامت ببلادنا يوم 25 يناير ، ولكن لما مضت الأيام ورأيت مدى انضباط المشاركين فيها وحرصهم على حفظ دماء المسلمين وأموالهم ورأيت أنهم يفتشون من يدخل معهم حتى اجتمعت الملايين دون أن يُخدش أحدٌ  ، ولا أن يُعتدى على محل من المحلات التي في ميدان التحرير ظهر لي أن المفاسد التي كنت أخشاها غير موجودة ، وأما المصالح التي ترتبت على هذا الأمر ،فهي أعظم من أن أذكرها في هذا المقال ، فيكفي في ذلك زوال تلك العصابة التي كانت تكبل البلاد ، وتنهب أموالها ، وحربها على الإسلاميين لا ينكرها عاقل ، ويكفي في ذلك أن جهاز أمن الدولة قد قام بإحراق المستندات في غالب مقاره في وقت واحد ، وهذا يدل على خوفهم من أفاعيلهم بالناس وخوف مثولهم أمام القضاء ، وأن تلك المستندات ستدينهم ، وقد نشرت جريدة الأهرام الحكومية بتاريخ 7/3/2011 تحت عنوان " سقوط دولة أمن الدولة : وفي غضون ذلك ، تحدث موقع " ديبكا " الإسرائيلي الإلكتروني عن إيفاد " روبرت جيتس " وزير الدفاع الأمريكي إلى القاهرة بتعليمات من الرئيس الأمريكي باراك أوباما لاحتواء أي تسريبات محتملة لوثائق أمن الدولة قد يكون لها علاقة بسياسات واشنطن الخاصة بمكافحة الإرهاب (يعني الإسلام) من بداية غزو أفغانستان .
ولا أدري الذين ينكرون حصول مصالح من وراء هذا التغيير ، ويصرون على الهجوم على من قاموا بهذا التغيير وتشويه صورتهم هل يريدون إرجاع تلك الفئة التي استخفت بالناس حتى كان المصري يعيش في بلده ولا يشعر أنها بلده ، فهؤلاء إما أن يتوبوا وإما أن يدوسهم الشباب كما داسوا ولي أمرهم !
بقي أمر وهو ما ذكره بعض هؤلاء من أن الخروج على هؤلاء الحكام الظلمة المبدلين لشرع الله عز وجل لابد له من توفر شرطين ، وهما القدرة ، وإقامة حاكم بعده يقيم شرع الله ، فنقول : نعم هما شرطان صحيحان .
 فأما الأول ، فيكفي في إثبات وجوده في واقعنا لكل عاقل أن من قاموا على الطاغية الظالم قد تمكنوا من إسقاطه والعجب من هؤلاء أنهم لا يزالون يتكلمون بهذا الشرط ويعترضون به مما يدل على غفلتهم البالغة .
وأما الشرط الثاني ، وهو إقامة من يقوم بعده بشرع الله ، فهذا الذي منعني من المشاركة مع المحتجين ، ومع ذلك فإن المصالح التي تحققت بسقوط هذا النظام الفاسد تفوق بأضعاف كثيرة المفاسد التي ترتبت عليه إلا عند صاحب هوى أو غير عاقل ، وتقليل المفاسد وتحصيل المصالح مطلوب شرعي ، واتحدى هؤلاء المعترضين المقدسين للحكام بموقف ، وهو :
لماذا أفتى علماء السعودية وغيرها بقتال صدام والاستعانة بالكفار عليه ؟
إن صدامًا لم يجحد معلومًا من الدين بالضرورة ، ولم يكن بأبعد عن الدين من هؤلاء ، بل آخر أمره يدل على خلاف ذلك ، وعندما ضم الكويت إلى العراق وجعلها محافظة من محافظات العراق ، فإذا كان ولي أمر كما يقول هؤلاء ، فإن مسلكه شرعي ، لأن في ذلك توحيد لأرض الإسلام وقوة للمسلمين فبأي دليل نجوز قتاله ؟ ومع ذلك فقد أفتى علماء السعودية وكثير من غيرها بجواز قتاله ، بل بالاستعانة على قتاله بدول كافرة ، وقد روى مسلم في صحيحه (1817) أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم : جئت لأتبعك وأصيب معك . قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم : تؤمن بالله ورسوله ؟ قال : لا . قال : فارجع فلن أستعين بمشرك . وهذا نص في المسألة ليس له ما يعارضه ، فبما استحل هؤلاء العلماء قتال ولي أمر شرعي ، بل ومخالفة هذا النص الدال على عدم جواز الاستعانة بالمشركين ؟
فما أجاب به هؤلاء أجبنا به ، ونحن نعلم أن العلماء الذين أفتوا بذلك لم يكن لهم مستند إلا القاعدة العامة ، وهي أرتكاب أخف المفسدتين ، ولذلك كان الشيخ صالح اللحيدان يطالب حسني مبارك بالتنحي خلافًا لما يقوله هؤلاء الجاهلون .
أسأل الله عز وجل لي ولهم الهداية .
هذا ، وإنني أرى أن على هؤلاء قسطًا كبيرًا من دماء المسلمين التي تسيل في ليبيا بالآلاف ، فقد قالوا إنه ولي أمر شرعي ، أعني القذافي المجرم ، وأن مخالفيه خوارج فدماؤهم حلال ، فأخذ بذلك بعض أتباعه ، فليعدوا جوابًا للسؤال بين يدي الله عز وجل .























([1]) وأما حديث " تسمع وتطيع للأمر ، وإن ضُرب ظهرك ، وأخذ مالك ، فاسمع وأطع " فقد رواه مسلم في المتابعات (1748) من طريق أبي سلام ممطور الحبشي عن حذيفة رضي الل عنه ، ولم يسمع منه ، فهو منقطع ، قاله الدارقطني ، وقال النووي : وهو كما قال الدارقطني ، فهي رواية ضعيفة لا يحتج بها .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق